الاثنين، 7 ديسمبر 2015

تاريخ مصر فى العصر الفرعونى

تاريخ مصر فى العصر الفرعونى


اولا: العوامل التى ساعدت على قيام الحضارة الفرعونية:
تنقسم العوامل التى ساعدت على قيام الحضارة الفرعونية إلى عوامل طبيعية (نهر النيل العظيم، والموقع الممتاز، والمناخ المناسب، ووفرة الصخور والمعادن) وعوامل بشرية (العمل الإيجابى والكفاح المتواصل).
ا – العوامل الطبيعية
النيل وفضله العظيم:
 ساعد نهر النيل على تحول مصر إلى جنة خضراء، والنيل علّم المصريين بناء السفن، فساعد على ترابطهم، وتبادل المحاصيل ونشاط التجارة.
 النيل علم المصريين الزرع والحساب، والنظام، وشق الترع، وبناء الجسور وتشييد السدود, لقد وجد المصريون القدماء فى نيلهم المعلم، ومصدر الحياة الأولى، فعظموه وقدسوه، وعبدوه فى شكل إله أسموه "حابى"، ومازلنا نحتفل بعيده "وفاء النيل" كل عام.
لقد ترك لنا المصريون القدماء الكثير من النصوص التاريخية التى تدل على أهمية نهر النيل فى حياتهم. وعن أثر نهر النيل فى حياة المصرى القديم،
 تقول أحد هذه النصوص: "سلام عليك أيها النيل … الذى يحيى بمائه أرض مصر وما عليها من مخلوقات ونباتات، سلام عليك يا رب الخير … يا من يروى الصحراء بنداه.
 إن أبطأت اضطربت القلوب وهلكت الأرواح، وإن أسرعت طابت النفوس وتفتحت الأزهار …". وعن مكانة نهر النيل فى نفوس المصريين، يقول نص آخر: "مرحى يا "حابى" … أنت يا من ظهرت على الأرض لكى تعطى الحياة إلى مصر، أنت يا من تأتى مستخفياً لكى تعطى الحياة لكل ظمآن …، سلام عليك يا رب الخيرات …".
الموقع الجغرافى الممتاز:
 لمصر موقع جغرافى ممتاز، فهى ملتقى قارتين كبيرتين هما إفريقيا وآسيا، وهى تطل على بحرين مهمين هما البحر الأحمر والبحر المتوسط ومصر بمثابة القلب من العالم القديم، وحلقة الاتصال بين أقطاره وشعوبه.
 أيضاً تتمتع مصر بحماية طبيعية، ففى الشمال البحر المتوسط، وفى الشرق والغرب والجنوب تمتد الصحراوات الواسعة التى كانت دروعاً واقية ساعدت المصريين على الدفاع عن بلادهم ومقاومة المعتدين والطامعين فى خيراتهم.
المناخ المناسب:
 وهب الله (سبحانه وتعالى) مصرنا العزيزة مناخاً معتدلاً وشمساً مشرقة، وسماء صافية، وهواء عليلاً، فساعد ذلك على نشاط الإنسان وتيقظ عقله، كما أن جفاف مناخ مصر ساعد على حماية آثارها القديمة.
وفرة الموارد الطبيعية (الصخور والمعادن):
فى أرض مصرنا العزيزة يوجد الذهب والنحاس والحديد والفضة وغيرها من أنواع المعادن، كما تتنوع بها الصخور من جرانيت ورخام وأحجار كريمة، ومن هذه الصخور والمعادن صنع المصريون القدماء كل صناعاتهم، وبنوا أهراماتهم، ونحتوا تماثيلهم، وصنعوا حليّهم البديعة، فكانت الصخور والمعادن بالنسبة للمصرى القديم أغلى الثروات.
ب – العوامل البشرية
العمل الإيجابى والكفاح المتواصل:
 أحسن المصريون القدماء استخدام هذه العوامل جميعاً، واستفادوا منها، وفكروا وابتكروا، وبذلوا كثيراً من الجهد، وساد بينهم التعاون حتى حولوا واديهم إلى تلك الجنة التى نسكنها ونتمتع بخيراتها اليوم.
وبذلك تكون الحضارة المصرية القديمة نتيجة التفاعل المبدع بين طبيعة الأرض وطبيعة الشعب الذى سكنها، فمصر ليست "هبة النيل" كما قال المؤرخ الإغريقى "هيرودوت" منذ آلاف السنين، بل هى أيضاً نتيجة لجهد المصريين واجتهادهم، وذكائهم، وابتكارهم، ووحدتهم، وتضحياتهم. إذن "مصر هبة النيل والمصريين"، ولولا كفاح المصريين لما ظهرت هذه الحضارة العظيمة.

ثانيا: عصر الدولة القديمة – عصر بناة الأهرام
الأسرات 3-6 (2780-2280 ق.م):
نجح الملك "مينا" فى تحقيق وحدة مصر السياسية وأسس أول أسرة حاكمة، وقد تدعمت وحدة البلاد فى عهد الأسرة الثانية، وشهدت مصر تقدماً فى جميع نواحى الحياة، كما تطور استعمال الكتابة المصرية القديمة التى سماها الإغريق "الهيروغليفية".
 هكذا أصبحت مصر مهيأة لاستقبال عصر جديد، هو عصر الدولة القديمة، والذى يضم الأسرات (3-6).
يطلق المؤرخون على عصر الدولة القديمة اسم "عصر بناة الأهرام"، إشارة إلى تلك الأهرامات الضخمة التى نراها جميعاً، والتى بنيت فى بطن الصحراء عن يمين الوادى، من إقليم الفيوم جنوباً إلى الجيزة شمالاً.
ولكن لماذا بنيت الأهرامات وما هو الغرض منها؟
 ترجع الفكرة فى بناء الأهرامات إلى اعتقاد المصريين القدماء فى خلود الروح، وإلى اعتقادهم فى البعث مرة أخرى وبوجود حياة أبدية, لهذا بنى المصريون القدماء مقبرة حصينة توضع فيها الجثة بعد تحنيطها، وتزود بمجموعة كاملة من حاجيات الميت كالأدوات وقطع الأثاث وأنواع الأطعمة والشراب التى كان يستعملها فى حياته، حتى إذا ما جاءت الروح وحلت فى الجثة، عاد الإنسان إلى حياته الأبدية. ونقشت جدران المقبرة بالمناظر المعتادة، لتدخل السرور على الميت.
1- أحوال البلاد فى عهد الدولة القديمة:
كانت مصر على جانب كبير من الخير والرخاء، وكان الأمن سائداً وحياة الناس هادئة مستقرة. وازدهرت الآداب والعلوم والفنون، وتقدمت الرحلات على أيدى الرحالة من أبناء مصرنا العزيزة, كما قامت حركة بناء ضخمة، وذلك بفضل ما توافر لمصر من ثروات طبيعية, وهكذا عاشت مصر أزهى عصورها فى عصر الدولة القديمة، هذا العصر الذى اجتمع فيه نشاط الفكر إلى جانب نشاط العمل والتنفيذ.
2- أشهر ملوك الدولة القديمة وإنجازاتهم
1 - الملك زوسر Zoser:
هو مؤسس الأسرة الثالثة الفرعونية بداية الدولة القديمة، وصاحب القبر العظيم فى "سقارة" المعروف باسم "الهرم المدرج"، وقد اتخذ "منف" عاصمة للبلاد، واهتم باستخراج النحاس من سيناء، ومد حدود البلاد جنوباً إلى ما بعد الشلال الأول بعد أن بسط نفوذه على النوبيين.
ومن اهم اعماله- هرم زوسر المدرج:
هو أول بناء حجرى ضخم عرفه التاريخ، يتكون من ست مصاطب شيدت فوق بعضها، مكسوة كلها بالحجر الجيرى الأبيض، ومحاط بسور ضخم كذلك من الحجر الجيرى, يبلغ ارتفاع الهرم المدرج حوالى 60 متراً، وقد بنيت غرفة دفن الملك من الجرانيت.
*** الوزير إيمحوتب الحكيم Imhotep:
فى عهد الملك "زوسر" ظهر أحد النوابغ المصريين الذين تركوا آثاراً بارزة فى تاريخ مصر وحضارتها، هو الوزير "إيمحوتب"، وإليه يرجع الفضل فى وضع تصميم هرم سقارة المدرج وتنفيذه.
على هذا الوزير اعتمد الملك "زوسر"، واسند إليه كثيراً من الأعمال، فكان "إيمحوتب" يتولى الإشراف على كل صغيرة وكبيرة، وإلى جانب شهرته فى فن العمارة، اشتهر بالحكمة والطب، فأحبه المصريون القدماء وشيدوا له التماثيل. وعن وصف الوزير "إيمحوتب" وزير الملك "زوسر" قيل: "كان "إيمحوتب" كاهن الملك ووزيره وبناءه، عرف الإغريق تاريخه فقدروه، واعتبروه خالق عمارة الحجر، وأول علماء الدنيا وطبيبها الأول، وكان "إيمحوتب" خريج أول مدارس العلم والدين والسياسة فى هذه الدنيا…".
2 - الملك سنفرو Snefru :
مؤسس الأسرة الرابعة، تلك الأسرة التى واصلت رسالة الأسرة الثالثة، فاستمرت فى اتخاذ "منف" عاصمة للبلاد، كما كانت أيامها أيام سلام ورخاء, أشتهر "سنفرو" بالإصلاح والقوة،
 ومن أهم أعماله:
 إرسال أسطول بحرى إلى فينيقيا على ساحل بلاد الشام (لبنان حالياً) لإحضار خشب الأرز لاستخدامه فى بناء السفن وعمل أبواب القصور. شيد "سنفرو" لنفسه هرمين بـ"دهشور" جنوب "سقارة"، كما عمل على تأمين حدود مصر الشرقية والجنوبية.
3 - الملك خوفو :Cheops: 
هو أحد ملوك الأسرة الرابعة، وترتبط شهرته بهرمه الأكبر الذى يعتبر أحد عجائب الدنيا السبع لضخامة بنائه، وروعة منظره، وجمال هندسته، وبراعة تصميمه, ويبلغ ارتفاع الهرم الأكبر حوالى 137 متراً، وعدد أحجاره نحو 2,300,000 حجر، فهو بذلك أضخم بناء قديم أقيم على وجه الأرض، ويرى المؤرخ الإغريقى "هيرودوت" أن بناء هذا الهرم استغرق عشرين عاماً, وقد شيد خلفاء خوفو (خفرع و منكاورع) هرمين أقل حجماً من الهرم الأكبر..
(تمثال أبو الهول)
أمر الملك "خفرع" بنحت هذا التمثال من صخرة ضخمة على هيئة جسم أسد له رأس إنسان، وهذا التمثال من الراجح أنه يمثل الملك "خفرع" نفسه, يبلغ طول التمثال 57 متراً، وارتفاعه 20 متراً، وطول وجهه خمسة أمتار، وطول أذنه أكثر من متر واحد، وفمه متران وثلث.
4 - أوسر كاف:
منذ أواخر الأسرة الرابعة، أخذ نفوذ كهنة الإله "رع" بمدينة "عين شمس" (هليوبوليس) يزداد، حتى استطاعوا إسقاط الأسرة الرابعة، وتولية أحد رجالهم وهو "أوسر كاف" الحكم، وبه تبدأ الأسرة الخامسة.
أقام ملوك الأسرة الخامسة المسلات الضخمة التى ترمز لإله الشمس "رع"، كما أقاما المعابد التى سميت معابد الشمس، يوجد معظم هذه المعابد فى "أبى صير" و"دهشور" بمحافظة الجيزة.
*** ازدياد سلطة أمراء الأقاليم وانهيار الدولة القديمة - الأسرة السادسة:
عاشت مصر فى عهد الدولة القديمة قوية متحدة متماسكة لفترة طويلة، إلى أن دب فيها الضعف، وقلت هيبة ملوكها، وبدأت تزداد سلطة حكام الأقاليم خاصة فى الأسرة السادسة.
 انتهز هؤلاء الحكام فرصة ضعف الملوك، وأخذوا يعملون على تركيز السلطة فى أيديهم، والاستقلال بحكم أقاليمهم، ومحاولة الانفصال عن فرعون, وخيم الظلام على مصر، وتدهورت أحوالها، وحلت بها الفوضى، حدث ذلك فى عهد الملك "بيبى الثانى" الذى حكم البلاد حوالى قرن من الزمان، الأمر الذى أدى إلى سقوط الأسرة السادسة فى عهد خلفائه، وانتهاء عهد الدولة القديمة.
وعن وصف مصر الفرعونية بعد سقوط الأسرة السادسة، يقول أحد الحكماء: "انظر، لقد تغيرت البلاد، وتبدلت أحوالها وساءت، وليس أدل على ذلك من أننا نرى النيل يوافينا بفيضه، والناس على الرغم من ذلك نيام لا ينهضون لخير، ولا يعملون فى زرع أو ضرع، لا لأنهم يكرهون الزرع الضرع، ولكن لأنهم لا يعرفون ماذا يطالعهم به الغد من شرور وأهوال …".
ثالثا- عصر الاضمحلال الأول (2280-2052 ق.م) الأسرات 7-10:
عصر الاضمحلال الأول هو عصر الأسرات (7-9). وسبب هذه التسمية هو أنه قد انتشرت فى البلاد فى هذه الفترة الفوضى والاضطرابات، وطمعت فى أرض مصر قبائل البدو الآسيويين الذين هاجموا حدود البلاد، وسيطروا على بعض أجزائها.
*** ملوك أهناسيا - الأسرتان التاسعة والعاشرة
ظهرت أسرة قوية فى "أهناسيا" (بمحافظة بنى سويف)، استطاعت تأسيس الأسرتين التاسعة والعاشرة، وبسطت نفوذها على أقاليم مصر الوسطى وعلى الدلتا، غير أن أسرة "أهناسيا" لم تنجح فى إعادة الوحدة إلى البلاد، إذ نافستهم أسرة قوية ظهرت فى "طيبة" (الأقصر حالياً)، واستطاع أمراؤها القضاء على الأسرة العاشرة فى "أهناسيا"، وإقامة أسرة جديدة هى الأسرة الحادية عشرة، التى بها يبدأ عصر الدولة الوسطى..
رابعاا- عصر الدولة الوسطى – عصر الرخاء الاقتصادى:
الأسرتان 11 و12 (2124-1778 ق.م)؛
اهتم ملوك الدولة القديمة ببناء الأهرامات، وإقامة المعابد، ونحت التماثيل، على عكس ملوك الدولة الوسطى الذين اهتموا بالمشروعات التى تعود على جميع أفراد الشعب بالخير والرخاء، مثل مشروعات الرى، والاهتمام بالزراعة والتجارة، والنهوض بالبلاد نهضة شاملة فى جميع نواحيها.
أشهر ملوك الدولة الوسطى وإنجازاتهم:
1 - الملك منتوحتب الثانى:
هو مؤسس الأسرة الحادية عشرة، اتخذ موطنه "طيبة" عاصمة لمملكته، وإليه يرجع الفضل فى نهضة البلاد، وإعادة الوحدة إليها، ونشر الأمن والقضاء على الفتن، لهذا قدره المصريون القدماء، وصوروه بجانب الملك "مينا" موحد القطرين، والملك "أحمس" قاهر الهكسوس ومؤسس الدولة الحديثة.
2 - الملك إمنمحات الأول:
كان "إمنمحات الأول" وزيراً لآخر ملوك الأسرة الحادية عشرة، ولما مات الملك دون وريث، أعلن "إمنمحات" نفسه ملكاً على مصر, وبذل جهداً كبيراً لإخضاع حكام الأقاليم لسلطانه, كما اتخذ عاصمة جديدة فى موقع متوسط بين الوجهين القبلى والبحرى هى "إثيت تاوى" ومعناها القابضة على الأرضين، ومكانها حالياً قرية "اللشت" جنوب مدينة "العياط" بمحافظة الجيزة.
قضى "إمنمحات الأول" على غارات الآسيويين والليبيين على أطراف الدلتا، ونجح فى تأديب العصاة فى بلاد النوبة.
3 - الملك سنوسرت الثالث Senusret III:
من أهم ملوك الأسرة الثانية عشرة، نظراً لقدرته الإدارية والعسكرية, قاد الحملات بنفسه إلى بلاد النوبة، وأقام بها سلسلة من الحصون أهمها قلعتا "سمنة وقمنة" فيما وراء الجندل الثانى على حدود مصر الجنوبية عند "وادى حلفا"ومدّ حدود مصر إلى ما وراء حدود آبائه، وزاد فيها، وناشد خلفاءه أن يحافظوا على تلك الحدود:
"إن من يحافظ من أبنائى على هذه الحدود التى أقمتها فإنه ابنى وولدى … وإنه لأشبهه بالابن الذى حمى أباه والذى حفظ حدود من أعقبه …، أما الذى يهملها ولا يحارب من أجلها فليس بابنى ولم يولد منى…" – من نقش للملك "سنوسرت الثالث" على أحد النصب التى أقامها فى بلاد النوبة.
أمر الملك "سنوسرت الثالث" بحفر قناة فى شرق الدلتا تصل بين أقصى فروع النيل شرقاً، وخليج السويس،وهى أقدم اتصال مائى بين البحرين الأحمر والمتوسط، وقد سماها الإغريق "قناة سيزوستريس" نسبة إلى الملك "سنوسرت الثالث".
 ومن الفوائد التى عادت على البلاد من حفر "قناة سيزوستريس" ازدياد النشاط التجارى وتوثيق الصلات التجارية بين مصر وبلاد "بونت" (الصومال الحالية)، وأيضاً ازدياد النشاط التجارى بين مصر وبلاد الشام، وجزر البحر المتوسط، مثل كريت وقبرص.
4 - الملك إمنمحات الثالث:Amenemhet III 
وجه الملك "إمنمحات الثالث" (من ملوك الأسرة الثانية عشرة) جهده للتنمية واستثمار موارد البلاد الطبيعية, وارتبط اسمه بعمله العظيم فى منطقة الفيوم، إذ بنى سداً لحجز المياه عند "اللاهون" أنقذ به مساحة كبيرة من الأراضى كانت ضائعة فى مياه الفيضان، وأضافها إلى المساحة المزروعة فى مصر، وقد عرف هذا السد فيما بعد بـ"سد اللاهون", كما أقام الملك "إمنمحات الثالث" مقياساً فى الجنوب عند قلعة "سمنة" للتعرف على ارتفاع الفيضان، والذى كان يتم على أساسه تقدير الضرائب, وبنى هرمه الشهير عند بلدة "هوارة" بالفيوم، وأقام معبداً ضخماً أطلق عليه فيما بعد "قصر التيه" لتعدد حجراته، حيث كان من الصعب على الزائر الخروج منه بعد دخوله.
 كتب المؤرخ اليونانى "هيرودوت" يصف قصر التيه: "إنه يفوق الوصف، يتكون من 12 بهواً، ومن 3 آلاف غرفة، نصفها تحت الأرض، ونصفها الآخر فوقها، والغرف العليا تفوق ما أخرجه الإنسان من آثار، إذ أن سقوفها كلها قد شيدت من الأحجار، ويحيط بكل بهو أعمدة مصنوعة من الأحجار البيضاء …".
خامسا- عصر الاضمحلال الثانى (1778-1570 ق.م) الأسرات 13-17:
نهاية الدولة الوسطى:
كانت نهاية الدولة الوسطى شبيهة إلى حد كبير بنهاية الدولة القديمة، فبعد وفاة الملك "إمنمحات الثالث" ضعفت قوة فرعون، وبدأ الصراع بين حكام الأقاليم، وحلت الفوضى، وعادت البلاد إلى التفكك, وسقطت البلاد فريسة فى يد الأجانب، فقد دخلتها قبائل من البدو أتوا من غرب آسيا يعرفون باسم "الهكسوس" احتلوا شمالها ووسطها، وظلوا بها قرنين من الزمان.
 يقول المؤرخ المصرى "مانيتون" عن أسباب سقوط مصر فى أيدى الهكسوس: "إن الرعاة قد استولوا على مصر فى سهولة، واجتاحوها فى غير حرب، لأن المصريين كانوا يومئذ فى ثورة واضطراب …".
***غزو الهكسوس لمصر***
من هم الهكسوس؟
 الهكسوس فى اللغة المصرية القديمة معناها "حكام البلاد الأجنبية"، وهم قبائل بدوية آسيوية، جاءت من فلسطين، وأسماهم المصريون الرعاة، لأنهم اغتصبوا بلادهم دون حق.
 تسللت تلك القبائل إلى شرق الدلتا، واستقرت فى مدينة "أواريس" ("صان الحجر" قرب مدينة الزقازيق الآن) واتخذتها عاصمة، وواصلت زحفها جنوباً حتى احتلت مدينة "منف"، ومصر الوسطى، وفى الوقت نفسه سيطر النوبيون على الجزء الجنوبى من البلاد، ولم يبق مستقلاً سوى جزء يحكمه أمراء طيبة.
ومن الأسباب التى ساعدت الهكسوس على احتلال مصر بسهولة:
 اضطراب الأحوال فى مصر بسبب الفوضى وضعف الحكام، وتفوق الهكسوس نتيجة كثرتهم العددية، ومهارتهم فى فنون القتال، فقد كانوا يستخدمون الخيول والعجلات الحربية التى تجرها الخيول، والسيوف والأقواس البعيدة المدى، وهى أسلحة لم يعرفها المصريون من قبل.
*** موقف الهكسوس من المصريين وموقف المصريين منهم:
أساء الهكسوس معاملة المصريين، فأحرقوا المدن والقرى، بغير رحمة، وهدموا المعابد، وذبحوا بعض السكان، واجبروا المصريين على دفع ضرائب جديدة، وشيدوا القلاع والحصون. وبمرور الزمن، تأثر الهكسوس بالحضارة المصرية، فتمصروا وقلدوا الفراعنة فى أسمائهم وأزيائهم وتقاليدهم، وتكلموا اللغة المصرية، واعتنقوا ديانة المصريين.
لم يطمئن المصريون القدماء للهكسوس، وظلوا يكرهون حكمهم، وينظرون إليهم نظرة احتقار لأنهم سلبوهم استقلال بلادهم وحرية وطنهم. وأخذت تقوى الروح الوطنية بين المصريين مع الأيام، وصمموا على طرد الهكسوس وتحرير الوطن.
**كفاح المصريين ضد الهكسوس**
قاد أمراء طيبة الكفاح ضد الهكسوس، بعد أن بسطوا سيطرتهم على صعيد مصر وأسسوا الأسرة السابعة عشر، وعندما خاف الهكسوس من ازدياد قوة المصريين، رأى ملكهم أن يستفز أمير طيبة، وأرسل إليه رسولاً يقول له: "أسكتوا أفراس الماء فى البحيرة الشرقية بطيبة، فضجيجها يحرمنى من النوم نهارى وليلى، وأصواتها تطن فى مسامع مدينتى",
كان هذا الطلب غريباً وخاصة إذا علمنا أن "طيبة" تبعد عن "أواريس" بمئات الكيلومترات، ولكن الذى كان يقلق ملك الهكسوس هو نشاط "سقنن رع" أمير طيبة ورجاله, رفض أمير طيبة هذا الطلب الغريب، وقامت الحرب بين الهكسوس وإمارة طيبة، سقط خلالها "سقنن رع" شهيداً على أرض المعركة, فكان "سقنن رع" أول حاكم يستشهد فى سبيل تحرير وطنه, وخلفه ابنه "كاموزة" فى قيادة الكفاح ضد الغزاة، وكانت أمه العظيمة "أياح حتب" تشجعه إلى أن استشهد كذلك فى معركة الحرية.

***أحمس وطرد الهكسوس***
دعت "أياح حتب" ابنها الثانى "أحمس" لقيادة شعبه الثائر، فأعد جيشاً قوياً مدرباً على فنون الحرب واستخدام العجلات الحربية (التى كان يستعملها الهكسوس)، وانضم إلى جيش التحرير الكثير من المواطنين.
 زحف "أحمس" إلى الشمال، وشدّد الهجوم على الهكسوس فى عاصمتهم "أواريس" حتى دخلها، وظل يطاردهم عبر شمال سيناء حتى فلسطين، وتشتت شملهم عند حصن "شاروهين" ولم يظهر اسمهم بعد ذلك فى التاريخ, عاد "أحمس" إلى وطنه منتصراً، واستقبله شعب مصر استقبالاً رائعاً, وبذلك انتهت من تاريخ مصر فترة احتلال أجنبى بغيض، وبدأت فترة جديدة من المجد والفخار بقيام عصر الدولة الحديثة.
سادسا- عصر الدولة الحديثة – عصر المجد الحربى:
الأسرات 18-20 (1570-1085 ق.م).
ذكرنا كيف خضعت مصر نتيجة لضعفها لحكم الهكسوس الأجانب، ولكن المصريين ما كانوا ليخضعوا لمحتل أجنبى، فقد قاوم المصريون بزعامة أمراء طيبة هؤلاء المعتدين، واستشهد الكثير من أبناء مصر، حتى تمكن "أحمس" Ahmose I بطل الاستقلال ومؤسس الدولة الحديثة من هزيمتهم وتشتيتهم, هكذا أعاد "أحمس" لمصر اتحادها، وبدأ فجر عهد جديد زاهر، هو عصر الدولة الحديثة بقيام الأسرة الثامنة عشرة التى أسسها "أحمس" قاهر الهكسوس.
***حالة البلاد فى عهد الدولة الحديثة***
كان فى غزو الهكسوس لمصر ثم طردهم عظة كبيرة للمصريين، فأنشئوا جيشاً كبيراً منظماً لحماية البلاد من الطامعين، وتسابق أبناء مصر فى الالتحاق بالجيش بعد أن أدركوا أن الانتساب إليه شرف, وتكونت لمصر أول إمبراطورية عرفها التاريخ، امتدت فى قارتى آسيا وأفريقيا، من نهر الفرات شمالاً حتى الجندل الرابع جنوباً. كما تقدمت حضارة مصر فى مجالاتها المختلفة من اقتصادية واجتماعية وفنية وعلمية وأدبية.
أشهر ملوك الدولة الحديثة وإنجازاتهم
1 - الملكة حتشبسوت Hatshepsut:
هى أشهر ملكات مصر، امتاز عصرها باستقرار الأمن والسلام فى الداخل والخارج، فى ظل جيش قوى ساهر، كما تميز عهدها بالبناء والنهوض بالفنون والتجارة.
 كانت "حتشبسوت" تمثل دور الفراعنة من الرجال، فتخلت عن ألقاب الملكات، واستخدمت ألقاب الملوك، ولبست زيهم فى الحفلات الرسمية, اتجهت سياسة مصر فى عهدها نحو قارة أفريقيا، فأرسلت بعثة تجارية إلى بلاد "بونت" (الصومال الحالية).
******رحلة حتشبسوت التجارية إلى بلاد بونتفى العام التاسع من حكمها******* 
أرسلت الملكة "حتشبسوت" بعثة تجارية إلى بلاد "بونت" مكونة من عدة سفن شراعية عبرت البحر الأحمر حتى وصلت "بونت"، فاستقبلها حاكم "بونت" وكبار رجالها، وقدمت البعثة الهدايا إليهم، ثم عادت محملة بكميات كبيرة من الذهب والبخور والعطور والأبنوس والعاج والجلود وبعض الحيوانات.
 صورت أخبار تلك البعثة على جدران معبد الملكة "حتشبسوت" بـ"الدير البحرى" قرب "طيبة".
***بعثة حتشبسوت إلى أسوان***
أيضاً صورت جدران "الدير البحرى" وصف بعثة أرسلتها "حتشبسوت" إلى محاجر الجرانيت عند أسوان لجلب الأحجار الضخمة، لإقامة مسلتين عظيمتين بمعبد الكرنك بالأقصر، لا تزال إحداهما قائمة حتى الآن، ويبلغ ارتفاعها حوالى 30 متراً.
2 - الملك تحتمس الثالث Thutmose III:
تميز هذا الملك من بين ملوك العالم القديم بالبطولات الرائعة التى سجلها له التاريخ، فقد قام بسبع عشرة حملة فى آسيا، ثبت بها نفوذ مصر هناك، كما ثبت نفوذ مصر حتى بلاد النوبة جنوباً. وإلى جانب قدرته الحربية تميز ببراعته السياسية، وبتشييد أروع الأبنية وأفخم المعابد.
***معركة مجدو***
تعتبر هذه المعركة مثالاً لبراعة "تحتمس الثالث" الحربية.
كان أمير مدينة "قادش" السورية يتزعم حلفاً ضد مصر، فصمم "تحتمس الثالث" على تأديب ذلك الأمير، وخرج بجيشه (100000 جندى) حتى وصل إلى شمال فلسطين، وسار فى طريق ضيق حتى يفاجئ العدو منه، ثم نزل سهل "مجدو"، فحاصرها "تحتمس الثالث"، ولم يعد إلى مصر إلا بعد أن أعاد النظام والاستقرار إلى جنوب سوريا.
يقول أحد المؤرخين عن قوة مصر فى زمن الملك "تحتمس الثالث": "لا توجد هناك قوة فى بلاد الشرق الأدنى تستطيع أن تواجه الجيش المصرى الذى نال تدريباً عسكرياً ممتازاً، وفاز بقيادة ملك عبقرى هو فرعون مصر العظيم ".
وإليك أيضا مثالاً لبراعة تحتمس الثالث الإدارية والسياسية:
استدعى "تحتمس الثالث" أبناء أمراء الأقاليم الآسيوية إلى مصر، ليعلمهم بها العادات والتقاليد المصرية، ويثقفهم الثقافة المصرية، ويغرس فى نفوسهم حب مصر، حتى إذا ما عادوا إلى بلادهم وتولوا مقاليد الحكم فيها، اصبحوا من أتباعه المخلصين.
 وكان لهذه السياسة الحكيمة أثرها فى تماسك الإمبراطورية المصرية ونشر الثقافة المصرية. أيضاً اهتم "تحتمس الثالث" بإنشاء أسطول حربى قوى، استطاع به أن يبسط سيطرته على الكثير من جزر البحر المتوسط وساحل "فينيقيا".
3- الملك أمنحتب الرابع (إخناتون) :Akhenaton or Ikhnaton
(الملك اخناتون والملكة نفرتيتى)
تولى الحكم بعد وفاة أبيه "أمنحتب الثالث" وعمره لا يزيد عن 16 عاماً، وتزوج من "نفرتيتى" Nofretete or Nefertiti المشهورة فى التاريخ، ولم يكن مهتماً بأمور السياسة والحرب، ولكنه انشغل بأمور الدين, لم يرض "أمنحتب الرابع" عن تعدد الآلهة فى الديانة المصرية القديمة، ورأى أن جميع الآلهة ليست إلا صورة متعددة لإله واحد، فنادى بعقيدة دينية جديدة تدعو إلى عبادة إله واحد هو "آتون" الذى يمثل القوة الكامنة فى قرص الشمس، ومثله بقرص تخرج منه أشعة تحمل الحياة والنور إلى الأرض وما عليها.
غيّر "أمنحتب الرابع" اسمه إلى "أخناتون" وأتخذ له عاصمة جديدة هى "أخيتاتون" وموقعها "تل العمارنة" بمحافظة المنيا، وذلك لكى يبعد عن "طيبة" مقر كهنة الإله "آمون", ونتيجة لذلك ثار كهنة الإله "آمون" والآلهة الأخرى ضد "أخناتون"، وبرغم ذلك احتل اسم "أخناتون" مكاناً بارزاً بسبب تلك الثورة الدينية التى قام بها ضد تعدد الآلهة.
4 - الملك توت عنخ آمون Tutankhamen or Tutankhamun:
تولى الحكم بعد "أخناتون"، واتخذ "طيبة" عاصمة للبلاد من جديد وفى عهده ازداد نفوذ كهنة "آمون", ترجع شهرة "توت عنخ آمون" إلى اكتشاف مقبرته كاملة عام 1922 فى "وادى الملوك" بالبر الغربى للأقصر، تلك المقبرة التى حوت روائع فنية وكنوزا أثرية ليس لها مثيل، والتى تدل على ما وصلت إليه الفنون المصرية من تقدم, والآن تعرض محتويات مقبرة "توت عنخ آمون" فى المتحف المصرى بميدان التحرير بمدينة القاهرة.
5 - الملك رمسيس الثانى Ramses II:
هو من أشهر ملوك الأسرة التاسعة عشرة, بدأ "رمسيس الثانى" عصراً جديداً سُمى "عصر الإمبراطورية الثانية"، وعمل على إحياء النفوذ المصرى فى بلاد الشام الذى كان قد ضعف بعد ثورة "أخناتون" الدينية, وتعتبر حروبه آخر المجهودات الحربية التى بذلها ملوك الدولة الحديثة.
***معركة قادش***
قام ملك الحيثيين بعقد محالفات مع أمراء المدن السورية ضد مصر، فأعد "رمسيس الثانى" جيشاً بلغ 20,000 مقاتل، وسار الجيش مخترقاً شبه جزيرة سيناء وفلسطين، والتقى بالحيثيين وانقض عليهم وهزمهم شر هزيمة. اضطر ملك الحيثيين بسبب هزيمته إلى طلب الصلح، ووافق "رمسيس الثانى".
***أقدم معاهدة دولية فى التاريخ***
عاود ملك الحيثيين بعد معركة قادش إثارة الاضطرابات مرة أخرى ضد مصر فى بلاد الشام، فحاربه "رمسيس الثانى" واستمرت الحرب مدة خمسة عشر عاماً إلى أن طلب ملك الحيثيين الصلح. عقدت بين "رمسيس الثانى" وملك الحيثيين معاهدة تحالف وصداقة تعهد فيها كل منهما للآخر بعدم الاعتداء، وإعادة العلاقات الودية، ومساعدة كل منهما للآخر فى حالة تعرضه لهجوم دولة أخرى, وتعد هذه المعاهدة أقدم معاهدة دولية مكتوبة فى التاريخ.
 ومن نصوص هذه المعاهدة: "لا تسمح الآلهة بعداء بين البلدين، لن يعتدى عاهل خيتا على أرض مصر …، ولن يعتدى رمسيس على أرض خيتا …".
***أعمال رمسيس الثانى المعمارية***
(معبد ابو سمبل)
نحت معبدين فى الصخر عند "أبى سمبل" ببلاد النوبة، أحدهما له والآخر لزوجته "نفرتارى"، وقد تم إنقاذهما من مياه السد العالى بمساعدة هيئة اليونسكو.
كما أتم الملك "رمسيس الثانى" بهو الأعمدة العظيم بمعبد "الكرنك"، وأقام الكثير من المسلات، منها مسلة مازالت قائمة إلى اليوم فى معبد الأقصر، ومسلة أخرى نقلت إلى فرنسا ونصبت فى أحد ميادين مدينة باريس عاصمة فرنسا (ميدان الكونكورد).
6 - الملك رمسيس الثالث:
هو آخر الفراعنة العظام لعصر الدولة الحديثة، حكم مصر أكثر من ثلاثين عاماً, وفى عهده تجددت أخطار شعوب البحر المتوسط الذين هاجموا مصر، ولكن "رمسيس الثالث" استطاع هزيمتهم عند مدينة رفح، كما انتصر الأسطول المصرى على سفنهم عند مصب النيل الغربى. كما تصدى "رمسيس الثالث" لليبيين الذين هاجموا حدود مصر الغربية، وردهم على أعقابهم.
*****نهاية الدولة الحديثة*****
بعد انتهاء حكم الملك "رمسيس الثالث" ضعفت البلاد نتيجة لضعف الملوك وتدخل كهنة "آمون" بطيبة فى شئون الحكم، وتعرضت البلاد للأخطار الخارجية, استطاع كبير كهنة الإله "آمون" تولى الحكم وأن يعلن نفسه ملكاً، وبذلك انتهى عهد الدولة الحديثة عام 1085 ق.م.
سابعا- العصر المتأخر (عصر الاضمحلال الثالث):
الأسرات 21-30 (1085-332 ق.م)..
المقصود بالعصر المتأخر:
اتفق العلماء على تسمية الفترة التى تلت سقوط الدولة الحديثة سنة 1085 ق.م بالعصر المتأخر أو عصر الاضمحلال الثالث، وهو عصر متأخر من الناحية الزمنية، إذ هو فى ختام العصر الفرعونى، كما أنه متأخر من الناحية الحضارية.
***أحوال مصر فى العصر المتأخر***
تدهورت أحوال البلاد سياسياً وثقافياً واقتصادياً. وتعرضت البلاد للنفوذ الأجنبى، فحكمها غرباء عنها، تمثلوا فى مجموعات متتالية من الحكام الليبيين والنوبيين والآشوريين وأخيراً الفرس.
****اشهر ملوك عصر الاضمحلال****
1- الملك أبسماتيك الأول Psammetichos or Psamtik I:
تخللت الفترة المظلمة التى عاشتها مصر فى عصر الاضمحلال الثالث، فترة حكم وطنى استردت فيه مصر لزمن قصير حريتها واستقلالها، وكان ذلك فى عهد "أبسماتيك الأول" حاكم مدينة "سايس" ("صا الحجر" بمحافظة الغربية)، ومؤسس الأسرة 26.
 اهتم "أبسماتيك الأول" بالجيش لتدعيم مركزه وصد أى عدوان خارجى، وعمل على تقويته، واستعان بجند مرتزقة (وهم الجنود الذين يعرضون خدماتهم العسكرية مقابل حصولهم على قدر من المال), كما نجح "أبسماتيك الأول" فى طرد الآشوريين من مصر، وعمل على تنمية تجارة مصر مع المدن الفينيقية وغيرها.
2- الملك نخاو:
هو أحد خلفاء "أبسماتيك الأول"، وقد عمل على إعادة حفر القناة التى كانت تصل بين النيل والبحر الأحمر (قناة سيزوستريس)، حتى تتوسع مصر فى تجارتها الخارجية, كما أرسل "نخاو" بعثة من الفينيقيين للدوران حول أفريقيا، استغرقت ثلاث سنوات، ونجحت فى ذلك.
**نهاية الحكم الفرعونى لمصر**
انهارت النهضة التى أقامها الملك "أبسماتيك الأول" وخلفاؤه، على يد الفرس الذين غزوا البلاد سنة 525 ق.م وجعلوا مصر جزءا من إمبراطوريتهم.

أهرامات برمودا الكريستاليه

أهرامات برمودا 




قد يكون عام 2014 بداية لحل ألغاز حيرت العلماء لمئات السنين وكثرت حولها التفسيرات، بين مصدق ومكذب لحدوثها تماما.
ومن أكثر الأماكن رعبا وإثارة للجدل "مثلث برمودا" الذي حِيكت حوله القصص والأساطير، وأُلفت مئات الكتب والمقالات والأفلام الوثائقية عنه، هناك من يؤمن بحقيقة ما يدور فيه، ويرجعها إلى أسباب عدة، منها الحقول المغناطيسية والمركبات الفضائية سواء الجوية أو البحرية، حيث يعتقد البعض أن زوارنا من الفضاء يفضلون التنقل عبر البحار، ومنهم من يعزوها إلى قوى شيطانية، حيث تكمن مملكته هناك كما يعتقدون!
أما على الجانب الآخر فنجد من ينفي كل هذه الأحداث، ويُرجعها لسوء الأحوال الجوية!
فما حقيقة هذا المثلث الذي ابتلع بين أضلاعه مئات الطائرات والسفن دون رجعة، أو حتى أثر يدل عليها.
أول ما لفت نظر الناس والعلماء إليه اختفاء خمس طائرات تدريبية دفعة واحدة في عام 1945 وعلى متنها 14 طيارا، تبعها اختفاء إحدى طائرات البحث عن المفقودين بالطريقة نفسها، ما جعل العالم يتذكر تلك السفينة العملاقة، حيث تزن 19 ألف طن، التي خرجت في رحلة تستغرق بضعة أيام وعند مرورها بتلك المنطقة اختفت ولم تصل إلى وجهتها حتى هذه اللحظة منذ أكثر من 90 عاما، ودون أي إشارة لوجودها، سِوى ما شاهده أحد الغواصين من هيكل يشبهها في المحيط، ولما عاد إلى الموقع نفسه لم يجد لها أثرا!
واليوم يأتي الدكتور ميير فيرلاج هرمين عالم المحيطات ويعلن في مؤتمر صحافي اكتشافه، الذي قد تكون فيه نهاية البحث عن الأسباب، وبداية لمعرفة حقائق قد لا يصدقها عقل؛ لقد تمكن بواسطة استخدامه الموجات فوق الصوتية (السونار) من اكتشاف وجود هرمين مصنوعين من الكريستال على عمق ألفي متر تحت سطح البحر، وهما أكبر بثلاث مرات من هرم خوفو، الهرم الأكبر في مصر.
ما دلهم على أن سبب ظهور واختفاء تلك الدوامات التي تحدث عنها الكثيرون قبل ابتلاعها لهم هو تلك الأهرامات الكريستالية، المعروف عنها توليدها دوامات ضخمة عند تفريغ شحناتها الكهربائية، ويعتقد العلماء أنها أُنشئت فوق الأرض لتوليد الطاقة، وبسبب عوامل مناخية طُمرت تحت الأرض، ويرجح أن تكون جزءا من قارة أطلنطس الأسطورية، ما يعيد الاهتمام بها إلى السطح!
والسؤال الآن: هل توجد الأهرامات نفسها في المثلثات الأخرى؟ حيث يعتقد أن هناك خمسة مثلثات عند التقاء المحيطات الخمسة، ومنها مثلث "بحر الشيطان" و"مثلث الشمال".

الفروق الفرديه

الفروق الفرديه 

 الفروق الفردية:  تعريفها :-
 
1 -هي الانحرافات الفردية عن المتوسط الجماعي في الصفات المختلفة .
2 -هي تلك الصفات التي يتميز بها كل انسان عن غيره من الافراد سواء كانت تلك الصفة جسمية ام في سلوكه الاجتماعي.
ولعل اشهر هذه الفروق تبدو في الصفات الجسمية كالطول والوزن ونغمة الصوت وهيئة الجسم وهذه الفروق الجسمية تطفو على السطح فنشاهدها وهناك ايضا فروق كثيرة في الصفات الادراكية والانفعالية .


اهمية اكتشاف الفروق الفردية
 
لا يستطيع انسان واحد مهما اوتي ان يستغني عن غيره من الافراد انهم يتعاونون في بناء حياة انسانية سليمة فردية اجتماعية فان اهمال مابين الافرادمن الفروق له اثره السيئ  بالفرد نفسه او بالمجتمع الذي يعيش فيه وتتجلى هذه الاهمية بما يلي :
1 -اهمية التنشئة والتربية : فرعاية الفروق الفردية من اسس الصحةالنفسية والتربية السليمة التي تقوم على الاعتراف بالفردية واهمية كشفها وحسن استغلالها وتوجيههاالى اقصى الحدود الممكنة لتكامل الحياة ونجاحها، فالتربية السليمة تعتبر كل فرد غاية ووسيلة في حد ذاته ويجب ان تستغل مواهبه لتحقيق مبدأ التكامل والتضامن.
2 -اهميته في الاعداد المهني والوظيفي للحياة: ان الفرد يحمل استعداد النوع من الاعمال دون غيرها والحياة تتطلب انواع مختلفة من العمل والكفاءات يتمم بعضها بعضا لتكون مجتمعا متضامنا. وهذا يقتفي كشف تلك الفروق بين الافراد واعداد الظروف والعوامل المساعدة على نموه فالفروق الفطرية والمكتسبة هي امكانيات هائلة للاعداد المهني  والتطور في جميع الاعمال وبذلك يوضع الفرد المناسب في العمل المناسب له.
3 -اهمية خلقية: اذ ان معرفة الفروق بين الافراد تساعد على فهم الاخرين والقاء الضوء على كثير من تصرفاتهم فلا يجوز للانسان ان يطلب من كل انسان ان يعامله نفس المعاملة فلكل فرد اسلوبه الخاص في التعبير الانفعالي واداء السلوك .
4 -  اهمية ذاتية : فمعرفة الفروق الفردية تساعد الفرد على تفهم نفسه واستغلال مواهبه ومعرفة امكاناته ولعل الا نسان ولا سيما في مراحل الرشد والنضج، الراشد اذا كان مثقفا يستطيع ان يفهم كثير من امكانياته وان يسعى لاستغلالها بطريقة ايجابية يضمن  المساعدة والنجاح.
 
انواع الفروق  الفردية :
 
الفروق الانسانية في الدراسات النفسية اربعة انواع هي : 1 -  فروق فردية بين انسان وانسان بصفة عامة. 2 - فروق جنسية. 3 - فروق الفرد في ذات نفسه. 4 - فروق جماعية او قومية وذلك ما يتميز به شعب عن شعب او مجتمع عن غيره فللكرد نفسيتهم العامة وشخصيتهم المميزة وكذلك الحال لدىاليابان والروس والانكليز مما يسمى بالشخصية القومية او الطابع القومي للشخصية .
 
ومن اسباب الفروق الفردية وتفاعلها يرجع الى عاملين اساسيين هما :
1 - عامل الوراثة والاستعداد الفطري: - ويشمل الجسم واجهزته وحواسه واعصابه وغدده وهذا عموما ينقل صفاته الاساسية من الاصل الى النسل ومن الآباء الى الابناء حسب قوانين علم الوراثة في اعضاء الجسم ووظائفها.
2  -عامل البيئة الاجتماعية:- ويشمل المنزل والاسرة والمدرسة والاصدقاء والمؤسسات التربوية والاجتماعية  والاعلامية والمهنية والعملية. هذه العوامل تفاعل. بمعنى اخر ان احدهما يؤثر في الآخر ويتأثر فمثلا الاستعداد للكلام هو وراثي فطري ولكن لابد من تكلم الانسان من بيئة الانسانية للتكلم، فلو نشأ طفل بين حيوانات لشب عاجزا عن الكلام الانساني بل هي اصوات حيوانية بدائية  واذا عاش الانسان في بيئة  انسانية يتكلم نوعية اللغة الخاصة.
 
كيفية مراعات الفروق الفردية في التعليم:
 
ان المعلم هو اداة فعالة في اية خطة تعالج الفروق الفردية . ونحن نحتاج الى معلمين مطلعين على اهمية الفروق الفردية ومتحسسين بالحاجات الفردية وقادرين على التكييف المنهج الدراسي كما نحتاج الى معلمين يتقبلون الفروق الفردية  ويعتبرون وجودها امرا طبيعيا بين التلاميذ والمشكلة اننا في مدارسنا اننا لم نتهيأ للتعامل مع الفروق الفردية، فالاطفال في الصف الاول وهم بنفس العمر ويستعملون  نفس الكتب الدراسية ويتبعون نفس المنهج .. لذلك فمن الضروري مراعاة الفروق الفردية على التعلم وذلك باستخدام  طرق تدريسية تراعي تلك الفروق الفردية بين التلاميذ وتكييف البيئة  المدرسية وتناسب قدراتهم، ومن الطرق التدريسية التي تعطي اهمية للفروق الفردية:
 
1 ـ  طريقة المجموعة ذات القدرة الواحدة:
عمدت بعض المدارس في امريكا وبعض بلدان اوربا الى تقسيم التلاميذ حسب قدراتهم العقلية ،وتقوم هذه الطريقة بوضع تلاميذ متجانسين من الناحية العقلية في شعبة واحدة، وقد انتقدت هذه الطريقةبشدة على اساس ان مثل هذا التوزيع قد يؤدي الىشعور التلاميذ بالتمايز، وبالتالي قد ينعكس ذلك على تصورهم لذاتهم في حياتهم الدراسية والاجتماعية ، ومثل هذا التوزيع يؤدي ايضا الى حرمان التلاميذ الاقل ذكاء من قابليا ت زملائهم الاذكياء.
 
2 ـ طريقة التقسيم العشوائي :
يتجه المربون في المدرسة الحديثة الى تقسيم التلاميذ تقسيما عشوائيا بحيث يضم الصف الواحد تلاميذ مختلفين في الاستعدادات لمواجهة الفروق الفردية وذلك باختبار مناهج طرق التدريس التي تناسب الاستعدادات وقدرات كل تلميذ وينتقد اصحاب هذه الطريقة لتوزيع التلاميذ حسب درجات الذكاء او التحصيل لان ذلك لايضمن التجانس التام الذي يسعى اليه المعلم من تقسيم الطالب .
 
3 ـ طريقة التعلم الجمعي :
من مميزات هذه الطريقة انها بدلا من الاعتماد على معلم واحد في تدريس موضوع واحد في الصف فانها تستخدم مجموعة من المعلمين يقومون بمسؤولية التخطيط والتنفيذ والتقسيم للمنهج الدراسي ويمكن تطبيق هذا المنهج في المدارس الابتدائية والثانوية وكل معلم له اختصاص بموضوع معين ويكون من المناسب وجود مرشد تربوي مع المجموعة وهذه الطريقة مستخدمة في بعض البلدان الاجنبية ، وتطبيقها يتطلب وجود معلمين مؤهلين في اختصاصات مع ضرورة وجود المنهج لتلائم متطلبات هذه الطريقة .                                                          
 
 هل تعتبر الفروق فروقا كمية او نوعية ؟
 
بمعنى ان الفرق بين شخص وآخر ينحصر في ان احدهما يملك قدرات او سمات لاتتوفر بالمرة في الشخص الآخر، ام ان جميع هذه السمات وتلك القدرات متوفرة في كل فرد وان الفرق ينحصر في مقدار توفرالسمة او القدرة في كل فرد؟؟
فالفروق الفردية فروق كمية وينطبق على العوامل النفسية كما هو الحال ايضا بالنسبة للفروق الفردية على المستوى العضوي فالقدرات الجسمية تحتلف من شخص لاخراختلافا كميا، وتتفاوت تفاوتا موزعا على مقياس كمي منفصل، وينطبق ذلك ايضا على ابعاد اعضاء الجسم وطول القامة والوزن.
الفروق بين الافراد ليست فروقا في النوع وانما هي فروق في الدرجة ولا تكون الفروق الفردية فرقا في النوع الا بمعنى واحد (وهي ان المقارنة تكون بين الصفتين ولا تكون المقارنة في ضوء صفة او سمة واحدة) فاختلاف الطول عن الوزن هو اختلافا من نوع الصفة واذا  لايوضع مثل هذا الاختلاف الى القياس لعدم وجود مقياس مشترك بينهما :
فالطول يقاس : بالامتار او بالكيلومترات ... الوزن يقاس: بالغرامات او كيلوغرامات .
والفرق بين الطول والوزن لايقاس بالامتار ولا بالكيلومترات اذن الفرق اما ان يكون في نوع الصفة واما ان يكون في درجة وجود الصفة، فالفروق بين الافراد في اية صفة واحدة هي فروق في الدرجة وليست في النوع.
فالفرق بين الطول والقصر هو فرق في الدرجة ،ذلك لانه توجد درجات متفاوتة في الطول والقصر ، ويمكن المقارنة بينهما باستخدام مقياس واحد كذلك في قدرات عقلية مثل الذكاء : الفرق بين العبقري وضعيف العقل فرق في الدرجة وليست فرقا في النوع ، لانه توجد درجات متفاوتة بينهما ولانهما  يقاسان بمقياس واحد .
 
العوامل المؤثرة في فاعلية
عملية التعلم –والتعليم
 
تعتبر عملية التعلم والتعليم محور علم النفس التربوي، الا ان دراسة هذه العملية ليست في حد ذاتها، وانما وسيلة لتحقيق الاهداف التربوية والتعليمية المرجوة، كما ان المعلم والمتعلم لا يعملان في الفراغ، وبمعزل عن بعضها البعض لتحقيق هذه الاهداف كما ان عملية التعلم والتعليم نفسها لاتحدث في معزل عن عوامل كثيرة اخرى بل انها تربط ارتباطا وثيقا بجملة من العوامل تؤثر في فعاليتها، ولقد لخص كل من (كلاوسيمار وجودوين 1968) وهما من كبار المشتغلين في ميدان علم النفس التربوي، العوامل التي تؤثر في فاعلية عملية التعلم والتعليم وبالتالي في تحقيق الاهداف التعليمية في سبعة عوامل رئيسية وهي :
1) خصائص المتعلم :- تعتبر خصائص المتعلم من اهم العوامل التي تقرر فاعلية التعلم وذلك لان المتعلمين يختلفون بعضهم عن البعض في مستوى قدراتهم العقلية والحركية وصفاتهم الجسدية ويختلفون في قيمهم واتجاهاتهم وتكامل شخصياتهم.
 2) خصائص المعلم :- لا يقتصر تأثير المعلم على  شخصية المتعلم وانما يتعداه الى ما يتعلمه. ان فاعلية التعلم تتأ ثر بدرجة كفاءة وذكاء وقيم واتجاه وميول وشخصية المعلم.  
 3) سلوك المعلم والمتعلم:- من الواضح ان هناك تفاعل مستمر بين سلوك المتعلم والمعلم هذا التفاعل يؤثر في نتائج التعلم، هذا وترتبط شخصية المعلم الواعي الذكي بطرق تدريس فعالة قائمة على اساس من التفاعل.
4) الصفات الطبيعية للمدرسة:- ترتبط فاعلية المعلم بمدى توفر التجهيزات والوسا ئل التعليمية الضرورية المتعلقة بمادة التعلم فلا يمكن مثلا تعلم السباحة دون وجود بركة، ولايمكن تعلم العزف على البيانو دون وجود بيانو، وتكون درجة فاعلية تعلم اللغة الانكليزية افضل في المدارس التي فيها مختبر اللغة من المدارس التي لايتوفر فيها مثل هذا المختبر وهكذا.
 5) المادة الدراسية:- يميل بعض التلاميذ بطبيعتهم الى مواد دراسية معينة بينما ينفرون من مواد دراسية اخرى، ومن هنا نرى ان تحصيل المتعلم الواحد يختلف في المواد الدراسية المختلفة ، فقد نجد مثلا طالبا تحصيله في اللغات افضل من تحصيله في الرياضيات أو العلوم، الا ان التنظيم الجيد والعرض الواضح لمادة الدراسة يزيد من فاعية التعلم.  
6) صفات المجموعة (المتعلمين):- يتألف الصف المدرسي من مجموعة من الافراد يختلفون في قدراتهم العقلية وقدراتهم الحركية وصفاتهم الجسد ية كما يختلفون في اتجاهاتهم وميولهم وقيمهم، بالاضافة الى هذا الفهم ايضا يختلفون في خبراتهم السابقة لانتمائهم الى طبقات اجتماعية واقتصادية مختلفة. ان فاعلية التعلم والتعليم تتأثر بالتركيبة الاجتماعية التي يتكون منها الصف المدرسي، كما تتأثر بمدى التباين والتجانس في  التركيبة الاجتماعية للمدرسة .
7) القوى الخارجية التي تؤثر في فاعلية التعلم:- يقصد بالقوى الخارجية تلك العوامل التي تؤثر في موقف تجاه التعلم المدرسي، فالبيت والجيرة والبيئة الثقافية التي يعيش فيها المتعلم تعتبر من العوامل المهمة التي تحدد صفات الشخصية ونمط سلوكه داخل غرفة الصف، وبالتالي تلعب هذه العوامل دورا مهما في تحديد فاعلية عملية التعلم –التعليم.
وتعتبر نظرة المجتمع الى المدرسة من اهم العوامل الخارجية التي تؤثر في فاعلية التعلم ، فبعض المجتمعات تتوقع من المدرسة ان تعمل على تطوير شخصية المتعلمين فكريا واجتماعيا وجسديا وانفعاليا، وفي سبيل تحقيق هذا الهدف توفر هذه المجتمعات لابنائها فرص الدراسة والتحصيل، في حين ان مجتمعات اخرى ترسل ابنائها للمدرسة للتخلص من مشاكلهم داخل البيت، وهذه المجتمعات لا تشجع أبنائها على بذل الجهد المتواصل وبالتالي لا تستطيع المدرسة ان تقدم لهم الشئ الكثير في سبيل تعلمهم وتعليمهم.
 
وفيما يلى فيديو توضيحى عن مفهوم الفروق الفرديه بصوره عامه  :-
 

الثلاثاء، 24 نوفمبر 2015

المدرس والتلاميذ

المعلم بديل للأب
يمر الطفل خلال السنوات الأولى من حياته بخبرات عدوانية بسبب ما يفرضه الوالدين عليه من قيود تكون أحياناً مصحوبة بالقسوة . هذه المشاعر التي كان الطفل يوجهها نحو الوالدين تتحول إلى أشخاص آخرين يشغلون عملاً له من طبيعته عمل الوالدين . ولهذا يجد المعلمون أنه قد تحولت إليهم نفس المواقف التي كان الطفل يقفها حيال والديه ، فنجد التلميذ الذي يكره والده بسبب قسوته عليه ، قد يجد في المدرس متنفساً لا يستطيع أن يجده في المنزل ، فتنتقل الكراهية الناشئة من قسوة الوالد إلى المعلم بحكم مابين المعلم والوالد من أوجه الشبه في عقل الطفل . وقد تنشأ كراهية التلميذ لمدرسه لأسباب أخرى منها شعور الطفل بعدم الأمن بسبب ما يحدث في الأسرة من شجار بين الوالدين أو مرض أحدهما أو تدهور اقتصادي يصيب الأسرة … الخ … كل ذلك يجعل الطفل يفقد الثقة بنفسه وبالناس وبالمدرسة وبالمدرسين ، وهنا يتخذ التلميذ من السلطة ممثلة في مدرسية هدفاً للعدوان
والواقع أن المعلم بالنسبة إلى الطفل أب في صورة جديدة ، وعواطف الطفل نحو الأب عواطف متناقضة تتضمن المحبة القوية والكراهية القوية . والطفل يميل إلى كبت الكراهية ، بل وإعلاء عناصرها بتحويلها إلى كراهية الشر والرذيلة والاعتداء . فالمدرس هدف لما قد يكون مكبوتاً من كراهية الطفل لأبيه وإذا كان سلوكه مع تلاميذه سلوك جبروت وعسف فإن هذا يشجع على تحيل شخصه بعوامل الكراهية ، بل وأكثر من ذلك فإن المدرس يملي على الأطفال طرق السلوك ومبادئ الأخلاق وفكرة الواجب ، يمزج هذه الأفكار في أنفسهم بصورة العسف والقهر . فتصبح هذه الأفكار والمبادئ نفسها محملة بآثار الصراع والكراهية ، فيخلق أطفالاً قد يعملون الواجب ولكنهم لا يحبونه ، يخلق أشخاصاً قد يكونون طيبي الخلق ولكنهم غير سعداء بطيب خلقهم ، يعملون الواجب ويتبعون الفضيلة بنفس الروح التي تجعلنا نتجرع الدواء المر والجرعة المقززة .
يجب على المعلم إذن أن يغلب جانب الحب في نفس التلميذ لكي يساعده على إعلاء نزاعته ولكي يسهل له في مستقبل حياته الهدوء والسعادة . فيجعله سعيداً بأن يعيش ، سعيداً بأن يؤدي الواجب . يجب أن يكون الأب الذي يهيء لأبنائه الصغار الجو الماسب الذي يميلون إليه . فكم من معلم محبوب أثر في تلاميذه أكبر الأثر فجعلهم يشغفون بأقل الأشياء جاذبية وأكثرها جفافاً
وهناك ناحية أخرى تبين أهمية الدور الذي يقوم به المعلمكأب بديل ، فبعض الأطفال لا يشعرون بالأبوة الحقيقية ، وهم لذلك يبحثون عن علاقات عاطفية مع شخص ما يستطيع أن يحل محل الوالدين .
وهنا يحين للمعلم فرصة مواتية لأن يقدم لهؤلاء الأطفال القلقين المضطربين ما يحتاجون إليه من عطف وأمان والغريب أن هؤلاء التلاميذ الذين يكونون في أشد الحاجة إلى محبة المعلم وعطفه واهتمامه ، هم الذين لا يمكن احتمالهم بسبب ما يصدر عنهم من سلوك شاذ ، ذلك أنهم يتباهون بأعمال الشغب والعدوان داخل حجرة الدراسة . وما هذا السلوك إلا وسائل يستسيغها التلاميذ للدفاع عن أنفسهم من جهة ، وكمظهر من مظاهر العناد والعدوان من جهة أخرى ( وهم في هذا يشبهون أولئك الذين يحملون قطعاً من الديناميت في انتظار من يلمسها ، إن هؤلاء التلاميذ يحسون أن كل شخص يمثل السلطة إنما يهدد سلامتهم أكثر من الديناميت الذين يحملونه .
المعلم قليل الخبرة بأصول الصحة النفسية ينظر إلى هذا الشغب على أنه نوع من التحدي ، ومن ثم تزيد كراهية المعلم للتلميذ . وفي بعض الحالات تتسع الدائرة حتى يصبح المعلم في موقف حرج يضطره إلى نقل التلميذ مصدر الشغب إلى فصل آخر . والحقيقة أن ( لعواطفنا أثر كبير في تشويه ما ندركه حتى قيل : بغضك الشيء يعمي ويصم . وقديماً قال الشاعر :
وعين الرضا عن كل عيب كليلة ……… كما أن عين السخط تبدي المساوي
إلا أن نقل التلميذ إلى فصل آخر عمل خاطئ لأنه اعتراف بضعف المعلم ، فالمدرس الناجح هو الذي يسعى لمعرفة نفسية كل تلميذ قصد مساعدته والأخذ بيده . أما االمعلم الذي يعالج العدوان الذي يقوم به التلميذ بعدوان يقوم به هو ، في شكل نقل تلميذ من فصل إلى فصل آخر ، أو توقيع عقوبات أو اصدار أوامر قصد مضايقة التلميذ ، فهذا أكبر دليل على عدم نضجه من الناحية الوجدانية والعاطفية .
و الواقع أن موقف المعلم من التلميذ شبيه بموقف الزارع من النبات . وعمله لا يتعدى تهيئة المجال للنمو والانتاج ، فالتلميذ كائن حي يولد وفيه قدرات واستعدادات وميول فطرية ، وواجب المربي الاهتمام بهذه النواحي جميعها وتعهدها ورعايتها في صبر وأناة ، وتهيئة الظروف لنموها حتى تفصح عن نفسها وتصل إلى أقصى غاياتها في جو اجتماعي سليم .
هناك ناحية ثالثة تبين أهمية الدور الذي يقوم به المعلم كأب بديل ، هناك فئة من الأطفال تشعر بالنبذ . إن الأطفال المنبوذين من والديهم يحتاجون إلى الاطمئنان العاطفي في المدرسة إذ إنهم محرومون من الأبوين الحقيقيين بالمعنى المقصود في علم النفس ، فهم لذلك يلتمسون هذه العلاقات العاطفية في أي شخص يمكن أن يأخذ دور الأبوين . إن الطفل غير المطمئن عاطفياً في حاجة أن يحظى بحب مدرسه .
بناءً على ذلك نستطيع القول إنه من أول واجبات المعلم هو أن يكسب حب التلاميذ ، وعليه أن يحاول أن يجد أشياء طيبة في كل تلميذ على حده ، وأن يعبر عن تقديره لهذه النواحي الطيبة علناً وفي كل وضوح ، وعليه كذلك أن يحاول فهم الظروف العائلية لكل تلميذ والشدائد التي يواجهها واحتياجاته في المدرسة .
ومن الخطأ أن يبدأ المعلم علاقته بالتلميذ عن طريق إظهار السلطة أو النقد أو التجاهل بل يجب على المعلم ألا ينتقد التلميذ أو يلومه ، حتى يتم الوفاق والتعارف بينهما . ذلك أن هذا الأسلوب يثير - بكل تأكيد - الخصومة ويدفع التلاميذ إلى أن يسلكوا مسلكاً عدائياً نحو المدرسة .
ومن أهم ما يعين المدرس على توثيق العلاقة بينه وبين تلاميذه خارج المدرسة اتصاله بأولياء أمورهم وعقد أواصر التفاهم بينهم والاشتراك معهم في بحث المشكلات التي تصادفهم ووسائل حلها ودراسة ملاحظات أولياء الأمور على أعمال أبنائهم التحريرية ومدى تقدمهم العلمي وخصائص سلوكهم ونواحي قوتهم وضعفهم ، وواجب المدرس أن يقوم كذلك بدور الموجه لأولياء الأمور لمعاونتهم على تربية أبنائهم ومساعدة المدرسة على تنشئتهم .
هناك عدد من الأمور يستطيع من خلالها المربي أن ينمي العلاقة بينه وبين مَن يقوم على تربيته، من هذه الأمور:
1- البشاشة والابتسامة الصادقة.
2- الكلام الطيِّب الليِّن.
3- مناداته بأحب الأسماء إليه.
4- استثمار أي عمل جيد يصدر منه للثناء عليه.
5- مشاركته في اللعب.
6- الاجتماع معه على الطعام.
7- كثرة الالتقاء به ومعايشته بصورة يومية.
8- زيارته بمنزله.
9- توثيق العلاقة مع أسرته.
10- إهداؤه الهدية المناسبة له.
11- تفقُّد أحواله والتعرف على المشكلات التي تواجهه ومساعدته في تجاوزها.
12- التعرف على حاجاته النفسية والاجتماعية والعقلية والبدنية، والعمل على إشباعها.
13- الاهتمام بميوله ومساعدته على تنميتها.
الآثار الإيجابية للعلاقة الطيبة بين المعلم والطالب
1. إقبال الطالب على دراسة المادة وتفضيلها عما سوها .
2. حب المادة ربما يدفع طالب إلى التخصص فيها دون النظر إلى مستقبل المتخصص في تلك المادة .
3. الإقتداء بمعلم تلك المادة في كل حركاته وسكتاته واتجاهاته القرائية .
4. الالتزام بكل ما يقوله المعلم والعمل على تنفيذه .
الأمور التي توجد العلاقة الإنسانية الإيجابية بين المعلم والطالب
1. المعاملة الطبية من قبل المدرس وإشعاره بأنه بمثابة ابن له .
2. المزاح الخفيف بحيث لا تهتز صورة المدرس ولا تضيع الحصة .
3. الاحترام المتبادل بين المدرس والطالب مع مراعاة ظروف الطالب ومساعدة من يستحق المساعدة من الطلاب .
4. سهولة المادة ومراعاة المدرس الفروق الفردية بين الطلاب .
5. الصدق في تقرير الدرجات مع البعد عن المحاباة .
6. رعاية مواهب الطلاب وصقلها والمساهمة في حل مشاكل الطلاب .
ويجب أن نعرف أنه كلما كان المعلم مخلصاً وحريصاً على مصلحة الطلاب كانت هناك علاقة طيبة بينهما .
وكذلك تردد ولي الأمر على المدرسة يساعد في إيجاد علاقة طيبة بين البيت والمدرسة .
دور الاختصاصي الاجتماعي في توطيد العلاقة الإنسانية في المحيط المدرسي
1. التعامل مع الجميع بطريقة بناءة أساسها الاحترام والتقدير المتبادلين وأن ينزل إلى مستواهم جميعا لفهم جميع المشاكل .
2. إشراك المعلمين والإدارية في علاج بعض المشاكل المدرسية ويعزز فيهم روح المشاركة في كل الفعاليات المدرسية .
3. رفع الروح المعنوية لدى العاملين وذلك يتحقق عندما يقف بجوار من أخفق ويشجعه ويوضح له الطريقة السليمة لعرض إمكانياته وإن الفشل أحيانا يكون هو بداية النجاح عندما يحاول الإنسان مرة أخرى في تصحيح الأخطاء التي وقع فيها .
4. تعزيز نقاط القوة لدى بعض العاملين للاستفادة من عملية المنافسة الشريفة في ميدان العلم
5. الاستفادة من اللقاءات والمناسبات في دعم العلاقات الفردية الإنسانية التي سيكون لها الأثر الكبير على العلاقات الإنسانية في المدرسة .
6. بناء قاعدة قوية بينه وبين العاملين ينطلق منها إلى ما هو أكثر فائدة وتجانس أساسها تلافي جوانب القصور وإنكار الذات .
7. استقبال المعلمين الجدد وتذليل العقبات التي تعترض استقرارهم والترحيب بهم وبسط المشاعر النبيلة أمامهم وإشعارهم بالثقة والاطمئنان وتدبير احتياجات معيشتهم .
8. الاهتمام بمشروع صندوق التكافل للمعلمين باعتباره من أهم المشروعات التي بها فائدة للمعلمين .
9. الحرص على توطيد العلاقات بين المعلمين بعضهم البعض وكذلك بينهم وبين أعضاء الهيئة الإدارية وذلك بالمشاركة في المناسبات السعيدة وغير السعيدة .
المراجع:
1. مصطفى فهمي ، الصحة النفسية دراسات في سيكولوجية التكيف ، 1992،
2. محمد رفعت رمضان ، وآخرون ، أصول التربية وعلم النفس ، 1998.
3. أحمد عزت راجح ، أصول علم النفس ، الطبعة التاسعة ( القاهرة : المكتب المصري الحديث ، 1973م )